صوت مصر والعالم
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير قطب الضويمدير الموقع هدير الضوي
أهم الأخبار
الواحي: حكم المحكمة الدستورية بالغاء تثبيت الايجار القديم نقطة تحول هامة سمر نديم تشعل مواقع التواصل الاجتماعي أثناء تأدية مناسك العمرة الدكتور محمود محيي الدين يوجه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة بمناسبة انتهاء عمله بصندوق النقد الدولي فرج عبد الظاهر: دراسات الجدوى تساعد على اتخاذ القرارات المستنيرة نرفض السياسات الأحادية لإثيوبيا في قضية سد النهضة لأول مرة في مصر: ”سمر نديم” تطلق أول خمار كوري ملكي من تصميمها بالأسواق توجيهات الرئيس السيسي بشأن تعديلات قانون الحبس الاحتياطي ضمانة هامة لحماية حقوق الأفراد فرج عبد الظاهر: رد الضريبة تسهم في تحسين التدفقات المالية للشركة الواحي: أزمة انقطاعات الكهرباء خلقت دروسا مستفادة في التعامل مع الأزمات دكتور محمود محيي الدين: حاجة ملحة لتطوير وإصلاح هيكل التمويل العالمي بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الواحي: حملة حياة كريمة لترشيد الاستهلاك تخفض من فاتورة الطاقة تعذيب وترهيب وتمييز..الأمم المتحدة تكيل سلسلة من الاتهامات لأوكرانيا

دين ودنيا

الفيلسوف الفقيه والمفكر الزاهد.. ما لا تعرفه عن الدكتور محمود حمدي زقزوق

الدكتور محمود حمدي زقزوق
الدكتور محمود حمدي زقزوق

تحل اليوم الأربعاء، ذكرى الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء ووزير الأوقاف الأسبق، الذي رحل عن عالمنا والذي عرف بالانفتاح الواعي على الثقافات وقبول الآخر، الجمع في العلم والفكر بين الأصالة والمعاصرة، غرس الطموح في نفوس طلاب العلم، والأدب الرفيع في الحوار، والمناقشة بالحجة والبرهان، إلى جانب الاعتدال والوسطية والتواضع والزهد.

محطات في حياة الفيلسوف الفقيه محمود حمدى زقزوق

▪️وُلد الدكتور محمود حمدي زقزوق في 27 ديسمبر عام 1933م، الموافق 8 شعبان عام 1352هـ، بقرية الضهرية، التابعة لمركز شربين - محافظة الدقهلية.▪️نشأ في كنف أخيه الأكبر الذي شمله بحبه ورعايته، بعد فقد والده، وحرص على تعليمه، فحفظ القرآن الكريم، والتحق بالمعهد الأزهري بدمياط.

▪️كان زقزوق -رَحِمه الله- بالغ الطموح؛ يكتب مذكراته اليومية، وبدأ في سن السابعة عشرة ببعض المشاركات القصصية والشعرية في إحدى الصحف الأسبوعية التي تُسمي «سفينة الأخبار»، كما كَتَب في البريد الأدبي بمجلة «الرسالة»، وجالس كبار الأدباء والمفكرين أمثال عباس العقاد وأحمد حسن الزيات.

▪️كان زقزوق شابًّا وطنيًّا، مهتمًا بشأن أمته، وما يجرى حوله من أحداث، فكتب وهو طالب عن الأحداث الثورية التي شهدتها مصر في هذه الفترة، وكان ضمن كتائب الأزهر المتطوعين للدفاع عن الوطن بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.

رحلته العلمية والعملية

▪️حصل الدكتور زقزوق على الثانوية الأزهرية عام 1955م والتحق بعدها بقسم الفلسفة بكلية اللغة العربية بالقاهرة، وتخرج فيها عام 1959م، ثم حصل على درجة العالمية وإجازة التدريس عام 1960م.

▪️نال درجة الدكتوراة في تخصص الفلسفة من جامعة ميونخ بألمانيا عام 1968م.

▪️عُيِّن مدرسًا في تخصص الفلسفة الإسلامية بكلية أصول الدين جامعة الأزهر عام 1969م، ثم ترقَّى إلى درجة الأستاذية عام 1979م.

▪️شغل رئاسة قسم العقيدة والفلسفة، وبعدها عين وكيلًا، ثم عميدًا لكلية أصول الدين والدعوة بالقاهرة، وكان مُقرِّر اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة في العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر.

▪️أُعير الدكتور زقزوق إلى عدة جامعات وبلدان؛ كجامعة طرابلس، وكلية الشريعة بجامعة قطر، ثم سافر إلى تونس ليشارك في اللجنة العلمية لترقية هيئة التدريس بجامعة الزيتونة.

▪️شَغَل منصب نائب رئيس جامعة الأزهر، وعُيِّن وزيرًا للأوقاف 15 عامًا، كما عُين رئيسًا لمركز الحوار بالأزهر الشريف.

▪️شغل عضوية هيئة كبار العلماء، ومجلس حكماء المسلمين، والأمانة العامة لبيت العائلة المصرية.

لماذا عرف الدكتور زقزوق بـ الفيلسوف المفكر؟

▪️تأثر الدكتور زقزوق بالدكتور محمد البهي - المفكر الإسلامي ووزير الأوقاف الأسبق، الذي تلقى بين يديه الفلسفة في جامعة الأزهر، وتعلم اللغة الألمانية وأتقنها حبًّا فيه، ولما أتيح للدكتور زقزوق فرصة التعيين في كلية دار العلوم وفرصة أخرى في كلية أصول الدين، اختار أصول الدين بناء على استشارة أستاذه البهي.

▪️كان الدكتور زقزوق مفكرًا وفيلسوفًا أديبًا، جامعًا بين التمكن من علوم الشريعة والثقافة الإسلامية، والدراية الواسعة بالثقافات والحضارات المتنوعة.

▪️وخلال رحلته العلمية إلى ألمانيا موفدًا من قبل الأزهر الشريف، توصل في رسالته العلمية التي نال بها درجة الدكتوراة، إلى إثبات أن الإمام الغزالي سبق الفلاسفة في القول بنظرية الشك المنهجي، في بحثه: «الشك المنهجي لدى الغزالي وديكارت، دراسة مقارنة»، والتطابق بين ما قاله الغزالي وديكارت، كما أنصف الإمامَ الغزالي من خصومه.

الدكتور زقزوق وإثراؤه للحياة العلمية

▪️أثرى الدكتور زقزوق الحياة الثقافية في علوم الفكر والعقيدة والفلسفة بالعديد من المشاركات والمؤلفات على مدار عمره، سيما في فترة توليه وزارة الأوقاف المصرية.

▪️خمسة عشر عامًا قضاها الدكتور زقزوق على رأس الوزارة، لم يترك فيها مجالًا للإصلاح والتطوير إلا سلكه فبدأ بضم المساجد الأهلية، واشترى مصنع دمنهور للسجاد لفرش المساجد، وقَصَر الدعوة على الأئمة والمصرح لهم من قبل الوزارة، واهتم بالأئمة تدريبًا وتثقيفًا، ونَظَّم صناديق النذور بقرار وزاري، وأنشأ المكتبات العامة في بعض المساجد.

▪️وفي الجانب العلمي كانت له اسهاماتٌ بارزةٌ على الصعيد العالمي والمحلي والتي من أهمها؛ اعتناؤه بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ليكون منبرًا للفكر والثقافة، فأقام مشروعات عدة من خلال عقد خمسة عشر مؤتمرًا إسلاميًّا، والتي وظفها لخدمة قضايا إسلامية كبرى مثل:

(الإسلام ومستقبل الحوار الحضاري - الإسلام والغرب - الإسلام والقرن الحادي والعشرين - نحو مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي - الإسلام ومتغيرات العصر - التجديد في الفكر الإسلامي - حقيقة الإسلام في عالم متغير - مستقبل الأمة الإسلامية - التسامح في الحضارة الإسلامية - مشكلات العالم الإسلامي وعلاجها في ظل العولمة - مقومات الأمن المجتمعي في الإسلام - تجديد الفكر الإسلامي - مقاصد الشريعة الإسلامية وقضايا العصر- القدس في الدين والتاريخ).

▪️كما أصدر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في عهد توليه الوزارة موسوعات كبرى لعدد من كبار العلماء، من أهمها: الموسوعة القرآنية المتخصصة - موسوعة علوم الحديث الشريف - موسوعة أعلام الفكر الإسلامي - موسوعة الحضارة - موسوعة التشريع الإسلامي - موسوعة التصوف الإسلامي - موسوعة الفلسفة الإسلامية - موسوعة العقيدة الإسلامية - موسوعة الأخلاق الإسلامية.

▪️وبذلك يكون الدكتور زقزوق قد أثرى الحياة الثقافية في مختلف علوم الفكر والعقيدة والفلسفة بالعديد من المشروعات والكتب والموسوعات، التي يدافع من خلالها عن سماحة الإسلام، وينشر الفكر الوسطي المعتدل في وجه متطرفي الفكر والإرهاب؛ وقد زادت مؤلفاته الشخصية باللغة العربية وما ترجمه باللغات الأخرى على الثلاثين مؤلفًا، والتي من أهمها: (مقدمة في الفلسفة الإسلامية - الدين والفلسفة والتنوير - دراسات في الفلسفة الحديثة - الإسلام في تصورات الغرب - مقدمة في علم الأخلاق - الدين والحضارة).

التكريمات والأوسمة التي حصل عليها الدكتور زقزوق

▪️ حصل الدكتور زقزوق على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، من المجلس الأعلى للثقافة بمصر عام 1997م.

▪️نال وسام الاستحقاق الأعظم مع النجمة والوشاح من ألمانيا عام 2002م.

▪️حصل على جائزة الرئيس التونسي العالمية للدراسات الإسلامية عام 2003م.

▪️نال وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في مصر عام 2014م.

▪️كرَّمه الرئيس عبدالفتاح السيسي في مؤتمر تجديد الفكر الديني الذي عقده الأزهر الشريف في عام 2020م، نظرًا لإسهاماته في تجديد الفكر الإسلامي.

وفاته

في الأوَّل من إبريل عام 2020م صعدت روح العالم الجليل الدكتور زقزوق إلى بارئها، عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد رحلة طويلة من الكفاح والمجاهدة والعلم والتعليم.

وقد نَعَاه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب - شيخ الأزهر الشريف، قائلًا: «لله وللتاريخ أشهدُ أنَّك كُنت الإنسان المترفِّع عن كل الصغائر، والعالمَ الكبير الشديد التواضع، وجميعُ المناصب العلمية والرسمية التي تقلَّدتها هي التي سَعَت إليك، وأُشهد الله أنَّك لم تسعَ إليها، وكُنت مدرسةً في العلم والخلق الرفيع والإنسانية العُليا يندُر تكرارها في هذا الزمان.. فوداعًا أيها الأستاذ الكبير محمود حمدي زقزوق، المفكِّر الزاهد، والفيلسوف الفقيه، والعالم العابد».