صوت مصر والعالم
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير قطب الضويمدير الموقع هدير الضوي
أهم الأخبار
الواحي: حكم المحكمة الدستورية بالغاء تثبيت الايجار القديم نقطة تحول هامة سمر نديم تشعل مواقع التواصل الاجتماعي أثناء تأدية مناسك العمرة الدكتور محمود محيي الدين يوجه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة بمناسبة انتهاء عمله بصندوق النقد الدولي فرج عبد الظاهر: دراسات الجدوى تساعد على اتخاذ القرارات المستنيرة نرفض السياسات الأحادية لإثيوبيا في قضية سد النهضة لأول مرة في مصر: ”سمر نديم” تطلق أول خمار كوري ملكي من تصميمها بالأسواق توجيهات الرئيس السيسي بشأن تعديلات قانون الحبس الاحتياطي ضمانة هامة لحماية حقوق الأفراد فرج عبد الظاهر: رد الضريبة تسهم في تحسين التدفقات المالية للشركة الواحي: أزمة انقطاعات الكهرباء خلقت دروسا مستفادة في التعامل مع الأزمات دكتور محمود محيي الدين: حاجة ملحة لتطوير وإصلاح هيكل التمويل العالمي بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الواحي: حملة حياة كريمة لترشيد الاستهلاك تخفض من فاتورة الطاقة تعذيب وترهيب وتمييز..الأمم المتحدة تكيل سلسلة من الاتهامات لأوكرانيا

المنوعات

مفتي الجمهورية: اجتهادات الأئمة وفتاويهم مصدر إلهام لكل من يمارس صناعة الفتوى

الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية
الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان قد جاءت متلازمة مع المرونة والتيسير التي اتَّسمت بها تشريعات ديننا الحنيف كلُّها، وإن قضية التكليف الشرعي هي التي تربط تصرفات الإنسان وأفعاله في هذه الحياة الدنيا بخالقه سبحانه وتعالى، وهذا هو المبدأ الذي انطلق منه المجتهدون الكرام في جميع مناهجهم الاستدلالية على اختلافها وتنوعها؛ تحقيقًا لمراد الله تعالى ورعاية لحِكمته البالغة.

مؤتمر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي

جاء ذلك خلال كلمة المفتي الرئيسية في افتتاح أعمال مؤتمر "الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية «المنهجية الحضارية، والتطبيقات الواقعية، وأخلاقيات الاستدامة»"، الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة، وتستمر فعالياته على مدار يومين، تحت رعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، وبرئاسة العلَّامة عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.

وأوضح المفتي أن دوائر النظر الاجتهادي قد اتسعت، وكذا آفاق الاستدلال بالنص الشرعي، اتساعًا جعلها غيرَ منحصرة في ظواهر النصوص من الكتاب والسُّنة، مؤكدًا أن الاستدلال بالمصالح المرسلة عند إمام دار الهجرة الإمام مالك رضي الله عنه والاستدلال بالاستحسان عند الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه، وغير ذلك من مصادر التشريع وأدلته قد انضم إلى ذلك، لأن الشارع الحكيم في نصوصه لم يستوفِ ذكر النوازل كلها منصوصًا عليها، بل ذكر منها أشياء وفتح للعلماء المجتهدين ورثةِ النبي صلى الله عليه وسلم بابَ الاستنباط وآفاقَ الاجتهاد من خلال تلك الأمور التي سكت عليها عن غير نسيان.

وتابع: كان من الممكن عقلًا أن يورد الشارع ألفاظًا مستوعِبة لمراده محددة لمقاصده، تستوعب كل الصور والوقائع، ولا يتصور فيها اختلاف، كما ذكر ذلك الإمام المازري رحمه الله في شرحه للبرهان، وعلل عدم ورود التشريع على هذه الصورة بقوله: «لكنه لم يفعل؛ توسعة على الأمة بالاجتهاد في المسكوت عنه»، مشيرًا إلى أن الاجتهاد هو مناط تحقيق المقصد الشرعي من استيعاب النوازل والمستجدات في كل زمان ومكان، وذلك من خلال المناهج الأصولية العلمية الرصينة التي استخرجها العلماء من أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصرفاته وفتاواه، وكذا من تتبع مناهج الاستدلال عند الصحابة الكرام.

وأكد المفتي خلال كلمته أن تلك المناهج قد سارت من بعد ذلك على أصول الأئمة المجتهدين الذين ضبطوا مناطات الاجتهاد، وحققوا القواعد الشرعية، وفتحوا الباب لمن بعدهم في تطبيق تلك المناهج اجتهادًا وتنزيلًا، حيث يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في الموافقات: «وقد قبل الناس أنظارهم وفتاويهم، وعملوا على مقتضاها...وإنما كان كذلك؛ لأنهم فهموا مقاصد الشرع في وضع الأحكام، ولولا ذلك، لم يحل لهم الإقدام على الاجتهاد والفتوى...فالاجتهاد منهم وممن كان مثلهم وبلغ في فهم مقاصد الشريعة مبلغَهم صحيحٌ، لا إشكال فيه»، موضحًا أن ذلك المعنى يتجلى بوضوح فيما نجده بين أيدينا من كتب الفتاوى والنوازل، التي راعى فيها العلماء معاني الشريعة وأحوال المكلفين بقدر مراعاة النصوص والدلالات الشرعية، فصارت اجتهاداتهم وفتاويهم تمثل كنزًا حضاريًّا ومصدرَ إلهام لكل من يمارس صناعة الفقه والفتوى.

طبيعة المستجدات العلمية

وفي إطار متَّصل أكَّد المفتي أن طبيعة المستجدات العلمية التي فرضت نفسها في هذا العصر، مستمرة في إحداث تغير هائل على المستوى الفكري والنفسي والاجتماعي، وترفع سقف التوقعات التي ينتظرها المسلمون من علمائهم ومؤسساتهم الفقهية والإفتائية، لتوجيه وترشيد مسيرتهم في الحياة في إطار شرعي ومصلحي، وهو ما يرجى أن تثمر عنه مثلُ هذه اللقاءات العلمية في هذا المؤتمر وغيرِه من المحافل العلمية، التي تقوم بدَورها في التأصيل الشرعي نظريًّا وتطبيقيًّا، خصوصًا في ظل التحديات والطموحات التنموية التي تطمح إليها العديد من المجتمعات والدول الإسلامية.

وإنه لمن الضروري في التعامل مع تطورات العصر وآلياته الجديدة، أن يكون الجانب الأخلاقي والبعد القيمي والحضاري حاضرًا ومؤثرًا كما كان كذلك في مناهج المتقدمين رضي الله عنهم، فإننا نجد بعض مصنفات الفقهاء قد افتتحها مؤلفوها، وبصفة خاصة في الفقه المالكي، ببعض قضايا الاعتقاد وختموها ببعض الآداب والقضايا السلوكية، وذلك للفت النظر إلى ضرورة أن تكون صناعة الفقه معبرة عن رؤية الإسلام الحضارية والأخلاقية للكون والوجود.

وأشار المفتي إلى أننا أمام تحديات أخلاقية كبرى تفرضها بعض المفاهيم المعاصرة التي لا تنظر إلى الدين والأخلاق بعين الاعتبار، وقد تكون بعضُ مجالات التنمية كالذكاء الاصطناعي وغيرِه من نوافذ المعرفة بابًا لإشاعة تلك المفاهيم التي تضرب بالمنظور الأخلاقي عُرض الحائط، وهو ما يجعل العمل التنموي قاصرًا على الجانب المادي، دون التفات إلى الجوانب التي تغذي روح الإنسان، وتجعل لحياته غاية ومقصدًا فيسمو بأفعاله وتصرفاته، حتى تحقق مقصد وجوده في هذا الكون.

وفي ختام كلمته توجه المفتي بالشكر إلى الشيخ الكريم العلامة عبد الله بن بيه- رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي-، مُثمنًا جهوده ومساعيَه الحميدةَ في عقد مثل هذه المؤتمرات العلمية التي تعين على دراسة كيفية الاستفادة من المناهج الشرعية المعتبرة في التعامل مع الوقائع والمستجدات والنوازل، وذلك من أجل إبراز دور الشريعة الإسلامية في الارتقاء بالإنسان مبنًى ومعنى، وتجعل من الأمة الإسلامية شريكًا حضاريًّا في المجتمع الإنساني، وتؤكد مرونة الشريعة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان، فضلًا عن رسمها خارطة طريق واضحة لمواجهة التحديات الملحَّة التي تشهدها المؤسسات الفقهية والإفتائية.