صوت مصر والعالم
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير قطب الضويمدير الموقع هدير الضوي
أهم الأخبار

المقالات

ماذا يرى معهد واشنطن في أسرار حلول الأزمة الاقتصادية في مصر؟

.. بالتأكيد، طرح معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى،مع المحلل السياسي الاقتصادي " بين فيشمان" الزميل الأقدم في "برنامج «روبين فاميلي» حول السياسة العربية" في معهد واشنطن - شمال أفريقيا، سؤال المرحلة:
ماذا يرى معهد واشنطن في أسرار "النقد الدولي" و"الإمارات العربية".. وحلول الأزمة الاقتصادية في مصر؟.
السؤال ممكن، لكنه صعب لأن أحداث العالم تضع مؤشراتها على الواقع العسكري والأمني والاقتصادي في المنطقة والإقليم، وبالذات في البلاد العربية وشمال أفريقيا.
تركيز "صندوق النقد الدولي" و"البنك المركزي" على الحد من التضخم

يؤكد" بين فيشمان"، أن تاريخ 6 آذار/مارس 2024، بات من التواريخ المهمة مرحليا، وفيه أعلن "البنك المركزي المصري" عن تخفيض قيمة العملة الذي طال انتظاره، لتمهيد الطريق لتنفيذ برنامج قرض موسع من "صندوق النقد الدولي" بقيمة 8 مليارات دولار.

ويبدو أن هذه الخطوة قد أصبحت ممكنة بفضل الضخ النقدي الناتج من صفقة استثمارية عقارية ضخمة أُبرِمت مع الإمارات العربية المتحدة قبل أسبوعين.


*تطوير منطقة رأس الحكمة.
.. دراسة معهد واشنطن تلفت إلى أنه في 23 شباط/فبراير، وقّع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع دولة الإمارات تشمل تطوير منطقة رأس الحكمة، الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط بين الإسكندرية ومرسى مطروح.

ووفقًا لمدبولي، سيتم تحويل 5 مليارات دولار من هذه الودائع إلى القاهرة في إطار صفقة رأس الحكمة، بينما سيُستخدَم مبلغ 6 مليارات دولار "للاستثمار في مشاريع رئيسية في جميع أنحاء مصر لدعم نموها الاقتصادي وازدهارها". وقد يكون الهدف التالي هو منطقة منتجع جديدة على البحر الأحمر.

عمليا، مشروع رأس الحكمة، نقطة جذب مركزية في المنطقة وشمال أفريقيا والمجتمع الدولي، وهي مؤشر على طبيعة المشاريع التي من المقرر أن يبدأ العمل به في عام 2025، وهي، وفق معهد واشنطن:
*اولا:
استثمارات بقيمة 150 مليار دولار لتحويل المنطقة إلى وجهة سياحية ومنطقة صناعية ومطار، مما يخلق فرص عمل للشركات والعمال المصريين في غضون ذلك.
*ثانيا:
تحتفظ مصر بحصة قدرها 35% في هذا المشروع - وأحد الشركاء المذكورين هو "مجموعة طلعت مصطفى"، التي هي تكتّل بِناء مقرّب من الحكومة وجِهة فاعلة رئيسية في بناء العاصمة الإدارية الجديدة خارج القاهرة.


*ثالثا:
تُعد "القابضة" (ADQ)، التي تسيطر على أصول تبلغ قيمتها نحو 200 مليار دولار، أصغر صناديق الثروة السيادية الثلاثة في الإمارات، بعد "جهاز أبوظبي للاستثمار" (1 تريليون دولار) و"مبادلة" (275 مليار دولار). ويرأس كلًا من "جهاز أبو ظبي للاستثمار" و"القابضة" مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وهو شقيق الرئيس محمد بن زايد آل نهيان. ويمثّل استثمار رأس الحكمة أكثر من 10% من محفظة "القابضة".
*رابعا:
الاتفاقيات تؤكد العلاقة الوثيقة بين قادة البلدين والتزام الإمارات باستقرار مصر، وهو ما أظهرته أبو ظبي أكثر من أي جهة مانحة خليجية أخرى منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة.
*التخفيف من حدة الأزمة المالية في مصر.

طبيعة قراءات المحلل "فيشمان"، مع معهد واشنطن، اعتمادها على الوثائق الرسمية، وهي تؤشر على المدى القريب، أن الاتفاقيات ستساعد في حدوث " الضخ النقدي" في التخفيف من حدة الأزمة المالية في مصر، وإدخال الدولارات التي تشتد الحاجة إليها في الاقتصاد الذي يعاني من تضخم قياسي وأزمة عملة.

وبعد تعويم العملة مباشرةً هذا الأسبوع، بلغ سعر الصرف 50 جنيهًا للدولار الواحد، بعد أن كان يبلغ 30 جنيهًا في معظم العام.

وهذا الانخفاض في قيمة العملة هو الخامس منذ نيسان/أبريل 2022، عندما كان السعر يبلغ 15 جنيهًا. ووفقًا "للبنك المركزي"، "يُعتبَر توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، حيث يساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي". والواقع أن نقص الدولارات تسبب في تباطؤ الواردات، وأدى إلى نقص الإمدادات الحيوية، وعرقل الاستثمار.


*الدفعة الأولى من الصفقة الإماراتية
يعتقد معهد واشنطن، انه من المفترض أن تساعد الدفعة الأولى من الصفقة الإماراتية - التي تم تسليمها بقيمة 10 مليارات دولار - في تعويض هذا الانخفاض في قيمة العملة، مع تخفيف قيود السحب المصرفي وعكس اتجاه الانخفاض في التحويلات المالية (التي انخفضت بسبب المخاوف من عدم إمكانية الوصول إلى التحويلات). ومن المتوقع أن تقوم دولة الإمارات بدفع الجزء المتبقي في غضون شهرين.


بالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن تخفف هذه الأموال أيضًا من حدة أزمة الديون في مصر. فاعتبارًا من أيلول/سبتمبر 2023، تجاوزت نسبة الدين الخارجي إلى "الناتج المحلي الإجمالي" في البلاد 42%، بينما اقتربت الديون القصيرة الأجل وخدمة الديون من 40 مليار دولار، مقارنةً بـ 35 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية. وفي الوقت نفسه، انخفضت الإيرادات بشكلٍ كبيرٍ، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة. وقد تراجعت السياحة، وانخفضت إيرادات العملات الأجنبية من معابر قناة السويس إلى النصف - من 700 مليون دولار في كانون الثاني/يناير 2023 إلى 350 مليون دولار في كانون الثاني/يناير من هذا العام - بسبب الهجمات المستمرة على الشحن التجاري من قبل حركة الحوثي اليمنية.
ولا يزال من غير الواضح بالضبط كيف سيتم تحويل 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية على الصعيد العملي. فاعتبارًا من تشرين الأول/أكتوبر، كانت الإمارات تحتفظ بمبلغ 6.3 مليارات دولار في "البنك المركزي المصري"، بالإضافة إلى نسبة غير محددة من مبلغ 16 مليار دولار كانت قد قدّمته دول عربية مختلفة لمساعدة القاهرة في التغلب على المشاكل الاقتصادية السابقة.

ورغم أن مبلغ 11 مليار دولار لا يمكن تحويله بسهولة إلى استثمارات، إلا أنه سيزيد فورًا الميزانية العمومية الخاصة بـ"البنك المركزي"، التي بلغ مجموعها 35.3 مليار دولار من الاحتياطيات الدولية اعتبارًا من 1 شباط/فبراير.


*معايير الإصلاح التي يقوم بها "صندوق النقد الدولي"
تحت هذا العنوان، وضع "فيشمان " القليل من التحليل المنطقي عندما قال: في أعقاب تعويم العملة المصرية، أعلن "صندوق النقد الدولي" عن التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء لزيادة برنامج القرض إلى 8 مليارات دولار. وتم إنشاء البرنامج السابق بقيمة 3 مليارات دولار في كانون الأول/ديسمبر 2022، عندما اتفقت الأطراف على "برنامج التسهيلات الموسع" بعد أن أدت جائحة "كوفيد-19" وحرب أوكرانيا إلى زيادة تكلفة القمح بشكل كبير.

وفي إطار برنامج عام 2022، وافقت القاهرة على تعويم عملتها، والحد من الإنفاق، وتنفيذ برنامج خصخصة عبر بيع نسبة من الشركات التي تملكها الدولة.

ومع ذلك، فقد تم تأجيل معظم هذه الإجراءات طوال عام 2023، ما دفع مديرة "صندوق النقد الدولي" كريستالينا جورجييفا إلى التحذير من أن مصر سوف "تستنزف احتياطياتها" ما لم تخفّض قيمة عملتها.

إلا أن جورجييفا تعاطفت أكثر مع مصر منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بإدراكها تأثير هذا الصراع على الاقتصاد المصري.

وفي الآونة الأخيرة، وصفت الصفقة الإماراتية بأنها "علامة إيجابية للغاية". ولكن من الجدير بالذكر أن قيمة برنامج "صندوق النقد الدولي" البالغة 8 مليارات دولار هي أدنى من القيمة الأصلية المتوقعة التي تتراوح بين 10 و12 مليار دولار.
*الخصخصة.. واشكالياتها.
.. في قراءات متباينة، وتحتاج إلى مراجعة وتدقيق، دعا برنامج "صندوق النقد الدولي" السابق مصر إلى تنفيذ خطتها الخاصة المتعلقة بالخصصة من خلال بيع 35 شركة تملكها الدولة.

وفي كانون الأول/ديسمبر، أعلن مدبولي أن الحكومة جمعت 5.6 مليار دولار من البيع الإجمالي أو الجزئي لـ 14 شركة، بما فيها الشركات الصناعية والفنادق ومبادرات الطاقة المتجددة. وكان معظم المشترين شركات مصرية خاصة (والتي ركزت على الإسراع في شراء الفنادق) وكيانات إماراتية.


ومن الصعب التحقق من الرقم البالغ 5.6 مليار دولار، لأن عددًا كبيرًا من الصفقات المعلن عنها أشار إلى وجود مجموعة من حصص الملكية ولم يحدد سعر البيع الفعلي. وبما أن معظم هذه المشتريات كان عبارة عن حصص أقلية، فقد يكون للمشترين تأثير محدود على أداء الشركات وكفاءتها - وهو أحد الأهداف الرئيسية للخصخصة. ومع ذلك، قد يظهر مستثمرون جدد عند استقرار الجنيه. وفي الوقت الحالي، تبقى الشركات المملوكة للدولة التي هي أكثر قيمة، غير مباعة، ومن بينها البنوك وشركات التأمين.
*حرب غزة وحماس والدور الأمريكي
عادة تقول الولايات المتحدة الأمريكية، أن مصر عانت من الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي طغت بسبب من حرب غزة والدور المحوري الذي أدته القاهرة كوسيط مع "حماس" على المخاطر الاقتصادية التي تواجهها مصر. وتشكل معالجة الأزمة المالية وآثارها المحتملة على استقرار مصر هدفًا أمريكيًا طويل الأمد، ولكنها ليست أولوية ملحة، خاصةً وأن المراقبين يتوقعون أن يؤدي إنهاء الحرب إلى تحسين تدفق الإيرادات إلى القاهرة وتمهيد الطريق أمام الشركات المصرية للمشاركة في إعادة إعمار غزة.


.. أيضا، يقول معهد واشنطن،:لا يزال بوسع الولايات المتحدة أن تؤدي دورًا مهمًا من خلال تشجيع الممارسات الاقتصادية السليمة، بدءًا من خفض الإنفاق العام ووصولًا إلى تنفيذ عناصر أخرى من برنامج الإصلاح الذي وضعه "صندوق النقد الدولي". ويشمل ذلك العمل مع "صندوق النقد الدولي" ومصر على تحسين القطاع الخاص من خلال الحد من مزايا الشركات المملوكة للدولة.

ويجب على إدارة بايدن والكونغرس أيضًا تشجيع الاستثمار الأمريكي الخاص في مصر، فضلًا عن مبادرات القطاعين العام والخاص مثل "صندوق المشروعات المصري الأمريكي"، الذي استثمر في شركات الأسهم الخاصة المربحة على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة على مدى العقد الماضي.
الإيضاحات، برغم توصيتي بالحذر منها مرحليا، هي سرد معلومات، لتعزيز الثقة، والتوضيح رؤية شمولية، تحتاج منا الى فهم الدور الوطني الذي يعمل على تمكين واستقرار مصر الآن وليس فيما بعد، الدولة قوية والشعب المصري قادر على دعم مشروعات الحكومة وإعادة الثقة والنجاح.