حدث فى 9 رمضان .. قصة فك حصار القاهرة أواخر الخلافة الفاطمية
حدث في مثل هذا اليوم، بالتاسع من شهر رمضان وقصة الصراع بين "شاور" و"شيركوه" على تولي الوزارة، فى عام 559 هجرية، فك الحصار عن القاهرة، خلال خلافة "العاضد" آخر خلفاء الفاطميين.
وكان النزاع على تولي الوزارة قد احتدم فى البداية بين "شاور وضرغام"، واستطاع الأخير هزيمة "شاور" وتولى الوزارة مكانه، فهرب الأخير إلى الشام وألقى بنفسه على "نور الدين زنكي" طالباً مساعدته في العودة للوزارة، فبعث "نور الدين" معه جيشا يقوده "شيركوه" واستطاع الأخير أن يعيد "شاور" للوزارة، وقتل "ضرغام"، ولكن سرعان ما دب الخلاف بين "شيركوه" و"شاور" واشتعلت بينهما الحرب، وحاصر "شيركوه" القاهرة إلى أن رفع عنها الحصار يوم الخميس 9 رمضان 559 هـ، وانتهى الحال باتفاق لم يعش طويلاً.
وانتهت الحرب في النهاية بقتل "شاور" وتولى "شيركوه" الوزارة بدلا منه، ثم مات الأخير وتولى ابن أخيه "صلاح الدين الأيوبي" الوزارة، وقضى نهائياً على الدولة الفاطمية، وأسس الدولة الأيوبية.
الخلافة الفاطمية
والخلافة الفاطمية هي إحدى دول الخلافة الإسلامية، والوحيدة بين دول الخلافة التي اتخذت من المذهب الشيعي الإسماعيلي مذهبا رسميا لها. قامت هذه الدولة بعد أن نشط الدعاة الإسماعيليون في إذكاء الجذوة الحسينية ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهدي المنتظر، الذين تنبؤوا جميعا بظهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العباسي فأصابوا بذلك نجاحا في الأقاليم البعيدة عن مركز الحكم خصوصا، بسبب مطاردة العباسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيث تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربرية خصوصا، وأعلنوا قيام الخلافة بعد حين.
شملت الخلافة الفاطمية مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتد نطاقها على طول الساحل المتوسطي من بلاد المغرب إلى مصر، ثم توسع الخلفاء الفاطميون أكثر فضموا إلى ممتلكاتهم جزيرة صقلية، والشام، والحجاز، فأصبحت دولتهم أكبر دولة استقلت عن الدولة العباسية، والمنافس الرئيسي لها على زعامة الأراضي المقدسة وزعامة المسلمين.
واختلفت المصادر التاريخية حول تحديد نسب الفاطميين، فمعظم المصادر الشيعية تؤكد صحة ما قال به مؤسس هذه السلالة، الإمام عبيد الله المهدي بالله، وهو أن الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فهم بهذا علويون، ومن سلالة الرسول محمد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخلفاء الراشدين الإمام علي بن أبي طالب. بالمقابل، أنكرت مصادر أخرى هذا النسب وأرجعت أصل عبيد الله المهدي إلى الفرس أو اليهود. أسس الفاطميون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ الموافقة لسنتي 912 - 913م، واتخذوها عاصمة لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ الموافقة لسنة 948م، نقلوا مركز الحكم إلى مدينة المنصورية، ولما تم للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ الموافقة لسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحي والثقافي والسياسي للدولة، وبقيت كذلك حتى انهيارها.
وأظهر عدد من الخلفاء الفاطميون تعصبهم للمذهب الإسماعيلي، فعانى أتباع المذاهب والديانات الأخرى خلال عهدهم، وبالمقابل اشتهر غيرهم بتسامحه الشديد مع سائر المذاهب الإسلامية ومع غير المسلمين من اليهود والنصارى الأقباط واللاتين والشوام من روم وسريان وموارنة، واشتهر الفاطميون أيضا بقدرتهم على الاستفادة من كافة المكونات البشرية لدولتهم المنتمية لتكتلات عنصرية متنوعة، فاستعانوا بالبربر والترك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب المكون العنصري الرئيسي، أي العرب.
وشكل العصر الفاطمي امتدادا للعصر الذهبي للإسلام، لكن قصور الخلفاء لم تحفل بالعلماء والكتاب البارزين كما فعلت قصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أصول اللغة والدين. وأبرز علماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير علماء الطبيعيات، والأخصائي بعلم البصريات، وقد جاوزت مؤلفاته المائة في الرياضيات وعلم الفلك والطب. أخذت الدولة الفاطمية تتراجع بسرعة كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبد الوزراء بالسلطة وأصبح اختيار الخلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخلفاء غالبا من الأطفال أو الفتيان، واختلف عدد كبير من الوزراء مع قادة الجيش وولاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جو من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المتفشية.
الخلافة العباسية
وخلال ذلك الوقت كانت الخلافة العباسية قد أصبحت في حماية السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم استرجاع الأراضي التي خسرها العباسيون لصالح الفاطميين، ففتحوا شمال الشام وسواحلها وسيطروا عليها لفترة من الزمن قبل أن يستردها الفاطميون، لكنها لم تلبث بأيديهم طويلا، إذ كانت الحملة الصليبية الأولى قد بلغت المشرق، وفتح الملوك والأمراء الإفرنج المدن والقلاع الشامية الواحدة تلو الأخرى، وبلغ أحد هؤلاء الملوك، وهو عموري الأول أبواب القاهرة وهددها بالسقوط. استمرت الدولة الفاطمية تنازع حتى سنة 1171م عندما استقل صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخلفاء الفاطميين، وهو أبو محمد عبد الله العاضد لدين الله، وأزال سلطتهم الإسمية بعد أن كانت سلطتهم الفعلية قد زالت منذ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.